كتب هشام ساق الله – تحل علينا يوم الثاني والعشرين من شباط فبراير الذكرى السابعه والاربعين لانطلاقة الجبهه الديمقراطيه الشعبيه لتحرير فلسطين الفصيل اليساري الذي انشق عن الجبهه الشعبيه لتحرير فلسطين بقيادة الرفيق المناضل نايف حواتمه واصبح احد الفصائل الرئيسيه في منظمة التحرير الفلسطينيه ويومها قال الشهيد ابوعمار رحمة الله عليه دع الف زهره وزهرة تتفتح في بستان الثوره .
كنت قد اقتبست هذه الكلمات التي تشرح تاريخ انطلاقة الجبهه الديمقراطيه في نشرة الراصد الالكترونيه التي كنت اصدرها من ادبيات الجبهه وكذلك تبرير الجبهه للانفصال والانشقاق الذي حدثت متمنيا للامين العام المناضل نايف حواتمه ابو النوف و الرفاق في المكتب السياسي واللجنه المركزيه وقيادات الجبهه في كافة المواقع داخل الوطن وخارجه باستمرار الثوره واقول كما كنا دائما نقول لهم عاشت الذكرى ودامت الثوره
الجبهه الديمقراطيه الشعبيه لتحرير فلسطين فصيل يساري مستقل من فصائل حركة المقاومة الفلسطينية ، تأسست الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في 22/2/1969 في سياق الانتكاسات الكبرى التي مني بها المشروع القومي العربي بعد حرب حزيران / يونيو 1967 وما كشفته عن مأزق برنامج وعن عمق أزمة الحركة القومية بمختلف تشكيلاتها بشكل عام وفي الساحة الأردنية – الفلسطينية بخاصة ، والمدى الذي بلغته هذه الأزمة باعتبارها أزمة برنامج وتكوين قيادي في آن ( طبقياً وفكرياً وسياسياً ) ، وشكل تلمس هذه الأزمة والمأزق الذي قادت إليه الأساس لتوجه قطاعات واسعة من المناضلين من مختلف الأحزاب القومية ومن البيئة السياسية القومية عموماً نحو اليسار ونحو تبني برنامج وطني بمضمون ديمقراطي ثوري وتحت راية طبقية وفكرية جديدة.
هذه القطاعات لم يكن خيارها حركة فتح التي كانت من موقع الوطنية الفلسطينية ومبادرتها التاريخية لاطلاق الكفاح المسلح تمثل النهج العفوي لحركة المقاومة المحكوم بموقع البرجوازية الوطنية وبأفق ايديولوجيتها ، ولم يكن يجذبها اليسار الشيوعي الرسمي الذي عانى في مساره التاريخي من جملة مشاكل في استيعاب خصائص القضية الوطنية الفلسطينية وفقد زمام المبادرة السياسية وتخلف عن الإمساك بحلقة النضال المركزية في اللحظة التاريخية المحددة ، بما في ذلك عدم إدراكه لوظيفة الكفاح المسلح في انبعاث الهوية واستنهاض الحالة الوطنية الفلسطينية بعد حرب الـ 67.
بفعل هذه العوامل المتداخلة ، انتشر على نطاق واسع التطلع نحو ولادة حزب ثوري من طراز جديد ، فلسطيني الهوية والانتماء وعروبي الآفاق في آن ، ينخرط في حركة المقاومة المسلحة طارحاً حلاً ديمقراطياً جذرياً للمسألة الوطنية الفلسطينية ، حزب يتبنى فكر الطبقة العاملة مناضلاً من أجل تكريسها طليعة طبقية جديدة للثورة الوطنية ولحركة التحرر الوطني العربية.
هذا الطموح كان هو الحافز لولادة الجبهة الديمقراطية ، وهي الولادة التي ارتبطت أيضاً بالتحولات التي شهدتها حركة القوميين العرب بمختلف فروعها منذ بداية الستينات والصراع الفكري والسياسي الذي احتدم بين مختلف أجنحتها ( وخاصة بعد حرب الـ 67 ) ، والذي انتهى بانخراط فروعها في تأسيس أطرها الحزبية المستقلة في أقطارها بما في ذلك الفرع الفلسطيني الذي كان يعمل منذ 11/12/1967 تحت اسم ” الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “.
قدمت الجبهة الديمقراطية نفسها عند التأسيس كجبهة يسارية متحدة ودعت في وقت مبكر لاقامة تحالف ديمقراطي ثوري. على هذا الأساس ، استقطبت سريعاً قطاعات يسارية وديمقراطية ذات اتجاهات مختلفة لا تنتسب الى تنظيم بعينه ، كما جذبت فئات موزعة على صفوف الحركة الوطنية والديمقراطية وحركات الشباب بشكل عام ، وانضمت اليها على قاعدة هذه السياسة بعد شهور قليلة من التأسيس منظمتان يساريتان : ” عصبة اليسار الثوري الفلسطيني ” و ” المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين ” ، ولاحقاً ( في العام 1972 ) أقسام من ” الجبهة الشعبية الثورية “.
منذ انطلاقة الجبهة الديمقراطية يضطلع نايف حواتمه بمسئولية الأمين العام ، أما القيادات التي لعبت دوراً في تأسيس الجبهة وفي توطيد أركانها في بداية انطلاقتها ، فقد وفدت من مواقع وتجارب نضالية وتنظيمية مختلفة. وقد استمرت الجبهة تعمل تحت اسم ” الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين ” ولاحقاً ” الجبهة الديمقراطية الشعبية لتحرير فلسطين ” ، إلى ان كان العام 1975 فحملت اسم ” الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين “.
في وقت مبكر للغاية برزت على مستويي الفكر السياسي والممارسة النضالية للجبهة محاور محددة تعمقت مناحيها واغتنت مضامينها في مجرى العملية الوطنية ، وأهمها : المقاربة المرحلية للمسألة الوطنية الفلسطينية كحركة تحرر وطني شديدة الخصوصية والموقع المفصلي الذي تحتله في اطار هذه المقاربة مسألة الوحدة الوطنية ، والعلاقة الوثيقة بين الخط السياسي والحلول التنظيمية للتقدم نحو الأهداف السياسية المحددة على قاعدة تؤمن تعبئة القوى وتحشيدها وتمتين الوحدة الوطنية والائتلاف المنبثق عنها.
ارتبط تأسيس الجبهة بعدد من العوامل أبرزها:
– التحولات اليسارية التي شهدتها حركة التحرير العربية بشكل عام وحركة القوميين العرب خاص، منذ بداية الستينات وخاصة بعد انفصال وحدة الجمهورية العربية المتحدة.
– التحولات الطبقية الأيديولوجية في مصر بعد 1961 (قوانين يوليو الاشتراكية).
ويعتبر التقرير السياسي والفكري الصادر عن مؤتمر آب 1968 للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي بنت عليه الجبهة الديمقراطية استقلالها الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي، إذا استطاع الجناح الماركسي في الجبهة الشعبية فرض أطروحاته على المؤتمر، مؤكدا انتقال الجناح السياسي في حركة القوميين العرب إلى مواقع الماركسية اللينينية.
وفي عام 1975أقرت الجبهة في مؤتمر اللجنة المركزية الثاني النظام الداخلي والبرنامج السياسي والدعاية المباشرة، لتحالف ثوري يضم العمال والفلاحين وسائر الكادحين، كمقدمة لثورة ديمقراطية بقيادة الطبقة العاملة، كنقيض مباشر لفلسفة ونهج الأنظمة البرجوازية وكرد على هزيمتها.
وبناء على هذه القاعدة وتجسيداً عمليا لها، انظمت إلى الجبهة الديمقراطية في حزيران 1969 منظمتان فدائيتان فلسطينيتان هما “عصبة اليسار الثوري الفلسطيني” و”المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين”.
وعلى صعيد العلاقات الوطنية الفلسطينية، قامت الجبهة الديمقراطية بطرح أول مراجعة نقدية، بعد أحداث ومعارك أيلول في الأردن مباشرة في المجلس الوطني الفلسطيني دورة تموز 1971، وفي مجلة الحرية تحت عنوان أيلول وحركة المقاومة الفلسطينية.
كما كان للجبهة الديمقراطية مواقف ثابتة من الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وساهمت في النضالات الوطنية الفلسطينية كعضو في المجلس الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية، والعمل على تطوير العمل الجبهوي، وتقديم أكثر من مشروع للوحدة الوطنية، بإلاضافة إلى طرح مواقف فكرية وسياسية تقدمية منها:
– الدعوة إلى شرح وتطوير شعار الدولة الديمقراطية الذي طرحته حركة فتح.
– الدعوة لتبني برنامج وطني مرحلي لحل القضية تحت شعار العودة “وتقرير المصير وإنشاء السلطة الوطنية وبناء الدولة”.
أما بالنسبة للعلاقات العربية فقد احتفظت الجبهة الديمقراطية بعلاقات ثابتة ومتطورة مع الأنظمة الوطنية والأحزاب التقدمية والحركات الوطنية العربية، وكذلك مع الأحزاب الشيوعية واليسارية والاشتراكية في مختلف بلدان العالم، وخاصة بلدان المنظومة الاشتراكية سابقا.
أما بالنسبة لدور الجبهة في الدفاع عن الثورة، فقد شاركت بفاعلية بارزة في ذلك في أحداث ومعارك أيلول 1970، وجرش 1971في الأردن، وفي مقاومة التيار الانعزالي الكتائبي في لبنان والتصدي بكل فاعلية لكل الاعتداءات الإسرائيلية في الأردن ولبنان، ابتداء من معركة الكرامة الخالدة عام1968إلى عملية الليطاني عام 1978إلى الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام1982.
هذا إلى جانب دورها الفعال في الكفاح المسلح داخل الوطن المحتل وفي عمق الأراضي الفلسطينية، ومن أبرز العمليات العسكرية للجبهة/ عمليات: معالوت (ترشيحا) وبيسان وطبرية عين زيف والقدس، ومئات العمليات الناجحة الأخرى، التي قدمت الجبهة فيها آلاف الشهداء والجرحى والأسرى.