ازمة بلدية غزة .. هل هي ازمة ادارية داخلية .. ام ازمة سياسية ..

0
846

ام متلازمة الادارة الذاتية في غزة

تعتبر بلدية غزة من اهم المؤسسات الوطنية التي تمس المواطنين وخدماتها تمتد من تزويد المياه ونظافة المدينة وشبكات الصرف الصحي وتنظيم الاسواق وتنظيم المباني .. ومهمات اخري كثيره تمس المواطن في عمله اليومي ، وقد كان التوجه دائما لدي ادارات البلدية لتحسين الخدمات وتطويرها بما يتناسب مع مدينة عريقة اصيله كمدينة غزة ( العنقاء) وارتبط بلدية غزة في ادارتها بالنظام السياسي القائم ، اذ انه منذ اكثر من 50 عاما لم تتم انتخابات لبلدية غزة بل يتم تعيينهم والمجالس البلدية من قبل السلطة الحاكمة في المدينة او عبر وزارة الحكم المحلي التابع للسلطة فمنهم من ينجح في بعض المجالات ومنهم من يفشل ولكن في المحصلة تبقي البلدية لتأدية خدماتها لسكان مدينة غزة وزوارها وبحاجة الي ادارة حقيقية للازمة ، لذا رأيت من الضروري توضيح وجه نظري في هذا المجال :

وتتمثل ازمة البلدية في 4 منعطفات اساسية وحساسة :

  • نظام البيروقراطية الذي يؤخر معاملات المواطنين بدون داعي ويؤخر خدماتهم حتى اصبح المواطن يكره ان يدخل بلدية غزة او ينفذ تعليماتها وتوجيهاتها ويعتبرها جهة تحصيلية (جباية) وليست خدمات.
  • عدم قدرة المجالس المتعاقبة والادارات من فهم الواقع في المدينة ومعالجته والاستثمار في المدينة بتطوير الخدمات واعطاء مدينة محاصرة مثل غزة ما تستحقه من عمل ومكانه
  • عدم قدرة البلدية علي تسديد مستحقات موظفيها ورواتبهم بانتظام نتيجة لعدم توفر سيولة نقدية لدي البلدية وقلة التحصيلات من المواطنين والتجار نتيجة للازمة المالية التي تمر بها مدينة غزة
  • النظام السياسي القائم في قطاع غزة والذي لا يعطي مجال لاستدراج مشاريع تطويرية حقيقيه ولا يقوم بتسديد التزامات البلدية عليه مما يؤدي الي ضعف الخدمات وتفاقم الازمة المالية والادارية والرقابية في بلدية غزة

اولا : نظام البيروقراطية .. الوصف .. والعلاج ..

لم تكن بلدية غزة في يوم من الايام خالية من البيروقراطية ولكنها بين مد وجذر .. تزداد وتكبر حينا .. وتصغر وتتقلص حينا ، عندما يحضر مواطنا للحصول علي ترخيص لمبنى او اضافة ادوار او أي خدمه فانه يقوم بعمل “كعب دائر” يلف بين الشبابيك ليحصل من هنا علي معلومة ومن هناك لفحص ومن هناك الي اخري وفي حال تغيب أي من الموظفين تؤجل المعاملة وبعد الانتهاء من الكعب الدائر تنتقل الي الادراج وتستمر لايام بين تخطيط وتنظيم ومساحه .. وبعد الانتهاء من الازمة تنتقل الي اللجان ( اللجنة الفنية واللجنة المحلية ) ومن ثم الي الجهات التنفيذية للموافقة او وضع شروط تعجيزية لينتهي المطاف بعد عده اشهر بدفع مبالغ كبيره بدون خدمات من البلدية وتعب لأشهر (دفع مبالغ كبيرة للتنظيم بدون خدمات .. لأنني اسأل ما هي الخدمة التي تقدمها البلدية مقابل رسوم التنظيم ) سنعود لمقترحات التطوير للنظام ونوضح هذه النقطة اكثر ، عندما تقوم البلدية بعدم قراءة عداد المياه وارسال مبالغ تقديرية لأشهر ومن ثم الانتقال الي رقم كبير حصل هذه الشهور فان هذه قضية اخري ، عندما يتقدم مواطن طالبا لخدمة المياه فانه يستمر اياما طويله في مراجعة البلدية للحصول علي الخدمة .

ان العديد من الرسوم والضرائب في فاتورة البلدية تدفع المواطن للتراجع عن تسديد فاتورة البلدية مثل ضريبة الاملاك والمنازل وضريبة مكافحة الفئران التي لم يقتنع بها المواطن ويعتبرها موروث من الاحتلال البريطاني والاحتلال الاسرائيلي .

ان هذه الاجراءات العقيمة والبيروقراطية في العمل الاداري تدفع المواطنين الي التراجع عن تأدية الرسوم المستحقة مقابل الخدمات لأنها ستتغلب كثيرا اذا ما راجعت البلدية فيجب اعادة ترتيب النظام مما يخفف من البيروقراطية ويؤدي الي سرعة الخدمات مما يشجع المواطنين لمراجعة البلدية

ثانيا : المجالس البلدية ..وادارة البلدية وتطويرها .. الكفاءات والاملاءات

حيث ان المجالس البلدية المتعاقبة كانت معينة من فبل النظام السياسي في المدينة فكانت تحمل في طياتها منهجية النظام السياسي الذي افرز هذه المجالس وكان غالبها عديم الخبرة او قليل الخبرة وتعلم في بلدية غزة بالخطأ والصواب فمنهم من اجاد في عدد من المهمات ومنهم من اخطأ في مهمات ولكنها تطورت اعمال اعضاء المجلس البلدي بدلا من كونه مجلس استشاري وتشريعي يشارك ويرسم سياسات البلدية ويحقق القوانين والتشريعات اللازمة للإدارة مع رئيس البلدية التنفيذي الي مهمات عمل اذ يحصل اعضاء المجلس البلدي والذين يعملون موظفين في مؤسسات اخري او شركات ويوزعون مهام رؤساء لجان عليهم لكي يتقاضوا اموالا بدل جلسات وكذلك بدل جلسات المجلس البلدي الاسبوعية وبالتالي يصبحون موظفين ويخافون علي ايراداتهم المختلفة من البلدية والتي تزيد عن رواتب العديد من الموظفين ، فانا ادعوا الي ان يكونوا اعضاء تشريعيين يساهموا في رسم السياسات وليست لجان تخلط ما بين السلطة التنفيذية والتشريعية ، بل اعطي اعضاء المجلس البلدي في الفترة الاخيرة سلطات تنفيذية ومكاتب داخل البلدية وتبعية موظفين لهم بدعوى التطوير الاداري والمالي وهذا يجب ان ينتهي ويعودوا اعضاء تشريعيين كمجلس بلدي وان مهمات كل هذه اللجان هي من السلطة التنفيذية العائدة لرئيس البلدية المنتخب او المعين فقط

لم تسطع المجالس البلدية وعبر اكثر من ثلاث عقود من انشاء هيكلية لبلدية غزة وتطبيق قانون الخدمة المدنية بحرفية ، اذ ان الكثير من الموظفين في البلدية لا يوجد لهم وصف وظيفي وهيكلية ادارية صحيحه وبالتالي يصعب علي الادارة محاسبة الموظفين علي ما اوكل لهم من مهمات وتم التلاعب في الهيكلية الادارية للبلدية لتصفية الخصوم حتى من نفس التيار وترقية وترتيب اعضاء اخرين خدمة للتنظيم او الاجندة التي يحملها الاعضاء بدون مهنية او شفافية وبالتالي مصطلح التطوير الاداري اصبح مجرد ترقية ومكافئة المقربين من الادارة علي حساب المهنية ومصالح البلدية وليس تطويرا حقيقيا يقود الي تحسين الخدمات وتطويرها

ان استخدام اعضاء المجلس البلدي التشريعيين في انجاز معاملات المواطنين وشكاويهم يدفع الي المزيد من المحسوبية و .. فانا حسب اعتقادي اذا اخذ المجلس البلدي قرارا في ترخيص بناء حسب المواصفات والشروط اصبح قياسا علي كل ترخيص بناء مشابه له استخدام القرار السابق ولا داعي لا عادة وايجاد فتاوي مختلفة من المجلس في قضايا متشابهة ، فيكفي ان ترفق الجهة المخولة توضيح القرار السابق او إرفاقه الي الجهة التنفيذية لاعتماده بدون تأخير المواطن وكل جدول مهمات كبيرة للمجلس البلدي  وبالتالي يتفرغ اعضاء المجلس البلدي لكل ما هو جديد ومتطور ولا ان يعملوا لدي ادارة التنظيم محللين لمعاملات المواطنين

ثالثا : الادارة المالية للبلدية ومنعطفاتها

نتيجة للحصار المفروض علي قطاع غزة والتدهور الاقتصادي وتوقف عمليات البناء والتطوير في المدينة فقد اصبحت الايرادات الواردة الي بلدية غزة قليلة وشحيحة ولا تكفي للمصروفات التشغيلية للبلدية في كثير من الاحيان فما بالك في اضافة رواتب الموظفين البلغ عددهم اكثر من 1400 موظف بلدية بميزانية تقديرية شهرية حوالي 3.5 مليون شيكل وبالتالي لحق التدهور الاقتصادي برواتب الموظفين وبدأت نسب صرف الراتب تتناقص حتى وصلت الي 30% وانضم موظفي البلدية الي الطبقة الفقيرة المعدمة ، مما يؤدي الي تردي الخدمات المقدمة من البلدية لعدم تلقي الموظفين رواتبهم من ناحية ومن ناحية تعيين عدم الاكفاء في الادارة المسئولية نتيجة لانتمائهم السياسي وليس ادائهم المهني

 

رابعا : النظام السياسي في قطاع غزة

تتنوع ايرادات البلدية ومشاريعها التطويرية الي ثلاث جهات رئيسيه وهي :

1-       التمويل الخارجي والمقصود به البنك الدولي ودول العالم المختلفة والمنظمات الدولية ، وهذا التمويل نتيجة للانقسام السياسي الفلسطيني والادارة الذاتية في قطاع غزة الغير معترف بها دوليا حجب عن البلدية الكثير من المشاريع والمنح وتسويق تمويل الخدمات في الخارج ولم يتبقى الا خط الاتصال والتواصل من خلال وزارة الحكم المحلي في رام الله وهي شحيحه وتتسم بما يخدم البنية التحتية والتطويرية للضرورات القسوى ومن نواحي انسانية

2-       تمويل حكومة الامر الواقع في غزة : تتكفل البلدية بتزويد المستشفيات والمدارس والمساجد والمقرات الحكومية والامنية في مدينة غزة بتوقير المياه وخدمة النظافة وما الي ذلك من خدمات وتبلغ فاتورتها الشهرية ما يقارب مليون شيكل وكذلك وحسي القانون فات ترميم الشوارع لجعلها صالحة لسير السيارات وتخفيف حوادث السير فان للبلدية ما نسبته 40% من رسوم ترخيص المركبات فان حكومة الامر الواقع لا تسدد هذه المبالغ للبلدية منذ اكثر من 14 عاما ، بل تقوم بعمل مقاصات عليها وتحويلها الي منافع لادارتها الذاتية مثل تسديد ثمن انارة الشوارع وما الي ذلك من استهلاك كهرباء بدلا من تسديدها للبلدية لتطوير عملها وادائها وانشاء مشاريع تطويرية تخدم البلدية وتخدم المواطنين

3-       فاتورة الخدمات المقدمة للشعب في مدينة غزة وهذه نتيجة للوضع الاقتصادي بالقطاع فان امكانية الدفع من قبل المواكن معدمة الا من شريحة لا تزيد عن 5% من المواطنين ، وتقوم البلدية بين الحين والاخر بعمل حملات علي المواطنين الغير مسددين لالتزاماتهم للبلدية ورفع نسبة التحصيل ، كما تقوم بين الفينة والاخري بعمل تخفيض علي الفاتورة وعمل حملات لهذه التخفيضات ولكنها لا تكفي للمصروفات التشغيلية فما بالك في الرواتب وما بالك في تكوير الخدمات

مما سبق يمكن ان نستنتج التالي :

ان الادارة السياسية للقطاع متمثلة في اللجنة الادارية ووزارة الحكم المحلي في غزة والتي تقضي بعدم التسديد لبلدية غزة وسد الافق امامها بالنسبة للمشاريع الدولية ودفعها نحو المزيد من الضغط علي المواطنين والتجار يؤكد بما لا يدع مكانا للشك بان قضية ازمة البلدية هي ازمة سياسية بامتياز

مقترحات عامة ووضع حلول وعلاج

اولا وقبل كل شيء يجب من انهاء الانقسام السياسي الفلسطيني للعودة الي نظام سياسي مستقر وموحد ومن ثم اجراء انتخابات لرئيس البلدية والمجلس البلدي من ذوي الكفاءات والذين يمكنهم من تطوير الواقع الصعب والخدمات المقدمة وتحسين النظام الاداري والمالي مما يطور عمل البلدية ويدفعها للتقدم وتحسين الخدمات

ثانيا يجب ازالة الحصار السياسي والاقتصادي القائم والانفتاح علي كافة الدول وتسهيل المعبر والعمال وتنمية الاقتصاد الوطني بما يسمح بتغيير اقتصادي علي المدينة وسكانها

ثالثا يجب من وضع استراتيجية وطنية فلسطينية لكل البلديات تقوم علي اساس ان المواطن الفلسطيني هو الاهم وليست الاهداف المتجزئة للتنظيمات الفلسطينية وتقوم الاستراتيجية علي اساس اداء الخدمات بجودة عالية وتقنية محترفة وباقل الاسعار خدمة للمواطن الفلسطيني وهو الاهم لتثبيت وتأكيد وجودة ومقاومته لمشاريع الترحيل او الفقر او التبعية الضمنية لمنظمات سياسية بدافع اقتصادي