أطفال غزة يُكافحون للعمل بأجور زهيدة وسط أنقاض الحرب !!! ترجمة :هالة أبو سليم

0
965

بقلم:كيث شاتلو ورث –صحيفة الغارديان البريطانية –مدينة بيت حانون

عزيز و عبد الفتاح الرنتيسى يعملان فى بيع الردم لكي ينفقان على الأسرة .
بعد ثلاث حروبٍ مُتتالية خلال ستة سنوات ،وأعلى نسبة بطالة في العالم ،أبناء العائلات المُعدمة يَخرجون لسوق العمل بحثاً عن الرزق بين أنقاض الحرب على قطاع غزة .
على طول الطريق الترابي ، قطعٌ من الكتل الإسمنتية والأسلاك الحديدية هي كل ما تبقي من المباني المُهدمة جراء القصف الإسرائيلي أثناء الحرب على غزة .بجوار احد المباني وهو المبنى الوحيد الباقي فى المنطقة الذي لم يتم قصفه خلال حرب 2014 مابين حركة حماس و إسرائيل . أمام تجاهل وزارة الإسكان الفلسطينية المتعمد والطويل لهذه المنطقة الشمالية وهي تقع على الحدود الفاصلة مابين قطاع غزة و إسرائيل وتحديداً فى مدينة بيت حانون .
اثنان من الأولاد يمشيان وسط أنقاض المباني يحملان دلواً بلاستيكياً و أصابعهم النحيلة تعملان وسط الأنقاض .عزيز الرنتيسى يبلغ من العمر 6 سنوات يجمع قطع أسمنتية ثقيلة والحجارة الثقيلة المُتكسرة و أظافر يديه يغطيها اللون الأسود .

أحد الصبية يلتقط دراجة هوائية حمراء اللون و قديمة ،يرفع عزيز رقبته مَزهواً بنفسه قائلاً “لم أركب دراجة هوائية من قبل ، كم أتمنى الحصول على واحدة مثلها .وأضاف عزيز قائلاً:
“صاحب المحل الذي يَشتري منا الأحجار والحصى(الردم ) سُيغلق أبواب محلة أذا لم نُسرع فالعمل فلا وقت للعب على هذه الدراجة الهوائية،لدي أمنيتان الأولي : الحصول على دراجة هوائية و الثانية : جمع وبيع الأحجار .
الفلسطيني عزيز الرنتيسي وأخيه عبد الفتاح الذي يبلغ من العمر 8سنوات يتلقون 5شيكل أي ما يُقارب 50بنس لكل 50كيلومن الأحجار يجمعانها سوياً ،كُلاً من الأخوين فى مدينة بيت حانون أكثر منطقة تعرضت للقصف أبان الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة والتي استمرت لمدة 51يوماً و أسفرت عن استشهاد 2,200فلسطينى ومقتل 73 إسرائيلي .وهما من ضمن 104،000 طفل يُكافح من أجل لقمة العيش فى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية المُحتلة.
أذا تَمكن الصبيان من جمع ما يقارب 5 كتل إسمنتية فان بإمكانهم الحصول على 15 سنت فى خلال الأسبوع بالكاد يحصلون على 5سنت ،يعملون لاربع او خمس فترات مابعد الظهر بعد انتهاء الدوام المدرسي بعد الحادية عشرة صباحاً .
وتُسجل غزة أعلى نسبة في البطالة على مستوي العالم ، اليوم تًقريباً نصف الكثافة السكانية هي من بين الشباب الذين بدون عمل ، فى حين أن العديد من الأنقاض التي تم أزالتها ل100،000منزل تم تدميره أو هدمه خلال الحرب الأخيرة ومازالت الكتل الإسمنتية موجودة على الأرض رغم النقص الشديد فى الحصول على الاسمنت المُخصص للبناء بعد إغلاق و تدمير الأنفاق مابين مصر و قطاع غزة .
بعد عام 2005 أخذ الاقتصاد الفلسطيني بالانهيار ،عندما أخلت إسرائيل جميع المستوطنين الذين كانوا يعيشون فى قطاع غزة وفي العام 2006 فازت حركة حماس بالانتخابات واستولت على القطاع الذي كانت تحكمه حركه فتح ذات الاتجاه العلماني ،مُنذ ذلك الوقت تًفرض إسرائيل حصارها البري و البحري و الجوي على قطاع غزة .فقد أرتفع مُؤشر البطالة بعد ثلاث حروب خلال ست سنوات ،فالاقتصاد الفلسطيني الان على حافة الانهيار ،العديد من الأطفال يتوجهون الان لسوق العمل نتيجة الحرب لأخيرة ،الكثير فقد أحد والديه أو كلاهما معاً ،أو كلا الوالدين لا يعملان فالوالد أما مصاب أو مريض فالأسرة بدون مُعيل .
عزيز الرنتيسى والده دياب الرنتيسي الذي يبلغ من العمر 42 عاماً يُعاني من مرض السكري ويتعرض لنوبات إغماء تجعله غير قادر على العمل ،اخية الأكبر يبلغ من العمر 10 سنوات مريض بالشلل الدماغي مستلقياً وسط أغطية قذرة فى منزل يتكون من ثلاث غرف ومن النادر مغادرته للمنزل ، وواحد أخر فى العائلة 18 شهراً ‘يعانى من مرض السرطان فى أحد عينية مما أضطر الأطباء إلى استئصالها .
تتكون الأسرة من 8أفراد يعيشون فى منطقة أبراج العودة النى قامت ببناؤها حكومة فتح السابقة للعائلات الفقيرة فى قطاع غزة وتم تجاهلهم من قبل حكومة حماس الحالية وذكرت العائلة أنها تتلقى مخصصات تقريباً حوالي كل 3 شهور مايقارب 1500شيكل أي ما يعادل 250$ دولار من قبل حكومة حماس الحالية .
وبدون الحصول على التدفئة خلال زحف فصل الشتاء سيكون الجو بالخارج أدفأ منه بداخل المنزل الذي تعيش فيه هذه الأسرة ،رائحة خبيثة تنبعث في أرجاء المكان ،فغرفة الحمام لا يوجد بها إمدادات للمياه أو حتى دش للاستحمام ،مجرد حفرة في الأرض كمرحاض ، مع الانقطاع الدائم للكهرباء فى قطاع غزة فالعائلة محظوظة أن لديها كهرباء مدة ثمان ساعات .
عندما يرغب أفراد الأسرة استخدام المياه الصالحة للشرب فعليهم ضخها لخزان خاص بها للاستخدام اليومي من شرب و طهي للطعام . بالرغم من تقرير لمنظمة الصحة العالمية بان 95 %من المياه المُستخدمة غير صالحة للاستخدام الآدمي .
فالعائلة كمعظم السكان لا يستطيعون تحمل نفقات شراء المياه المعَدنية ،لايوجد فالمكان نوافذ أو حتى أجهزة تسريب لرائحة الطهي ، البيت لايوجد به أي نوع من الأثاث والمكان كصحراء جرداء ،فى زاوية المنزل يوجد ثلاجة بيضاء اللون تبرع بها احد الأشخاص مؤخراً لهذه العائلة الفقيرة وبالطبع الثلاجة كانت فارغة تماماً في زاوية أخري من المنزل توجد غسالة كهربائية .
مع منتصف النهار عاد عزيز و اخية عبد الفتاح من المدرسة فهما لا يرتديان زياً مدرسياً رسمياً أنهما يرتديان فقط الجينز الأزرق وقمصان متواضعة مع أحذية مقطعة و يرتديان معطف تلقياه هدية من المدرسة . منذ يومين لا يوجد طعام في البيت ،وفى منتصف النهار يعمل الصبيان حول المنزل فى عملية جمع “الردم” لبيعه وفي تعليق لعزيز ” لقد شاهدت شظايا من الصواريخ بجوار المباني المُدمرة لكن لم أعتقد أنها خطيرة ، وامسك بأحد الشظايا التي وجدها بالجوار .
الطفل عزيز كان شاهد عيان لأثنين من الحروب التي شنتها إسرائيل على غزة بينما اخية عبد الفتاح قد عايش ثلاثة حروب و أخذ عزيز بالعودة للوراء متذكراً “كنت بداخل المنزل ألهو بجوال والدي عندما سقط صاروخ على منزل الجيران شعرت و كأنه زلزال وفى اليوم التالي أخذنا عمى لمنزله في المُخيم و ذهبنا جميعا إلى هناك على عربة يجرها حصان .
الطفل عبد الفتاح الذي يلبس فى قدميه صندل مُقطع و المخاط يسيل من أنفة علق قائلاً ” لقد تعبت من جمع هذا الردم و لكن ليس إمامي بديل ” فهو يغادر المنزل في تمام الساعة السادسة صباحاً لكي يذهب للمدرسة ويعمل من الساعة الثانية عشرة حتى السادسة مساءاً.
“اننى أعطى النقود لأبى لشراء الطعام ،طعامي المُفضل هو الدجاج و السمك بالرغم أنني لم أتناولهما من قبل ” . يتجول هؤلاء الأطفال للعمل عبر قطاع غزة يبيعون (الردم) والعمل فى المصانع و الكراجات و البيع بالتجوال فى الشوارع ،جميل مؤمن يبلغ من العمر 21عاماً وأخيه حسام يبلغ من العمر15عاماً يعيشان فى مخيم الشاطئ للاجئيين ،يرغب جميل بإكمال دراسته الجامعية ولكنة مضطر لبيع البالونات فى الشوارع على عربة صغيرة مضاءة بأنوار كهربائية لمساعدة عائلته ،بينما حسام أضطر للتسرب من المدرسة أيضاً لنفس السبب ;يعمل حسام لمدة 8ساعات يومياً في بيع البالونات ويبلغ سعر البالون15بنس ;ويبيعها حسام فى المتنزهات ووسط البلد والمطاعم مثل مطعم (مزاج)فى وسط مدينة غزة حيث سعر طبق المكرونه أكثر ممن يحصل عليه حسام من العائد اليومي لبيع البالونات الذي يبلغ 4سنت . السن القانوني للعمل فى الضفة الغربية و قطاع غزة هو 15 عاماً و18 عاماً للعمل في الأعمال الخطرة ،هذا لا يُعتمد في غزة .في مناطق السلطة الوطنية يوجد مناطق بما يُعرف منطقة (أ) و(ب) و(سى) وهى المنطقة التي تُسيطر عليها قوات جيش الاسرائيليى ،معظم الأطفال الفلسطينيون يذهبون للعمل في منطقة سى للعمل في المزارع الإسرائيلية ; السلطة الفلسطينية عاجزة عن إرسال مندوبين من وزارة العمل الفلسطينية لهذه المناطق .

في الوقت نفسه ،ذكر دياب وحنان والدي عزيز و عبد الفتاح بأنهما لايعلمان لأي وقت سيبقيان أطفالهما فى المدرسة لأن الشواكل التي يحصلان عليها من العمل قليلة جداً لاتسد رمق العائلة من الاحتياجات الأساسية فلا خيار إمامهما سوى عدم إرسال الأولاد للمدرسة لكي يعملون بدوام كلي .
بررت السيدة حنان والدة عزيز وعبد الفتاح الرنتيسى ماذا ستفعل هذه الشواكل القليلة فى نهاية اليوم ؟
وأضاف السيد دياب والد عزيز و عبد الفتاح : لايصل دخلهما اليومي إلى 10 شيكل فى اليوم ،إنا لا أؤيد فتح أو حماس إنهما لم يفعلا شيئا للشعب ،إننا فقط نريد أن تعيش حياة طبيعية و عادية كباقي البشر ممن يعيشون خارج غزة “.

هشام ومؤمن يبيعان البالونات بالقرب من قهوة مزاج وسط مدينة غزة .
وفقاً لتقرير منظمة العمل الأمريكية بأنه لا يوجد لدى المنظمة برامج للحد من أشكال استغلال الأطفال فى سوق العمل ووجد الاستطلاع بأن السلطة الوطنية الفلسطينية فَشلت فى تطبيق المعايير الدولية بخصوص عمالة الأطفال بالرغم من توقيعها على المعاهدات الدولية بخصوص حقوق الطفل .
وتم نشر التقرير فى العام 2014 من قبل وزارة العمل الأمريكية الذي كشف عن استغلال الأطفال فى تهريب البضائع من الأنفاق الحدودية مابين مصر وقطاع غزة حتى تم إغلاقها فى لعام 2014 . ويتم استغلال الأطفال فى تهريب المُخدرات من إسرائيل للضفة الغربية،كما كَشف التقرير عن قيام حماس باستغلال الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 12 عاما كدروع بشرية خلال الحرب الأخيرة على غزة .
صرح الباحث الاقتصادي الدكتور ماهر الطباع “أن حقيقة استغلال الأطفال فى سوق العمل يُعد هو الاسوء على الصعيد الدولي و فى حال وجود مؤسسات اجتماعية لرعاية الأسر الفقيرة بان هذه المشكلة سوف تخف حدتها ويجب التعاون مابين الحكومة و مؤسسات المجتمع المدني و المؤسسات الاجتماعية لتكثيف الجهود لمحاربة ظاهرة استغلال الأطفال فى سوق العمل وتنمية الوعي حول مخاطر هذه الظاهرة ” .

في الوقت نفسه ،ذكر دياب وحنان والدي عزيز و عبد الفتاح بأنهما لايعلمان لأي وقت سيبقيان أطفالهما فى المدرسة لأن الشواكل التي يحصلان عليها من العمل قليلة جداً لاتسد رمق العائلة من الاحتياجات الأساسية فلا خيار إمامهما سوى عدم إرسال الأولاد للمدرسة لكي يعملون بدوام كامل.
بررت السيدة حنان والدة عزيز وعبد الفتاح الرنتيسى ماذا ستفعل هذه الشواكل القليلة فى نهاية اليوم ؟
وأضاف السيد دياب والد عزيز و عبد الفتاح : لايصل دخلهما اليومي إلى 10 شيكل فى اليوم أنا لا أؤيد فتح أو حماس إنهما لم يفعلا شيئا للشعب ،إننا فقط نريد أن تعيش حياة طبيعية و عادية كباقي البشر ممن يعيشون خارج غزة “.