كتب هشام ساق الله – تلقيت اليوم خبر وفاة الاخت المناضله القائده الفتحاويه نجلاء عادل ياسين ام ناصر عضو الامانه العامه للاتحاد المراه الفلسطيني ومدير مكتب الاخ الرئيس الشهيد ياسر عرفات واحدى اوائل مقاتلات الحركه الذين حملوا البندقيه الفلسطينيه في الاردن ولبنان وكل ساحات القتال بعد معاناة كبيره مع المرض الذي اصابها اليوم في مدينة القاهره وسيشيع جثمانها الطاهر الى مثواها الاخير .
رحم الله المناضله الكبيره الاخت ام ناصر هذه الفدائيه التي انضمت الى صفوف حركة فتح وربطت مصيرها بمصير هذه الثوره في البدايات الاولى وهي مواطنه سورية الاصل الا ان فلسطين وحركة فتح كانت هاجسها ولبست الزي العسكري وشاركت بتاسيس وحدات قتاليه نسويه تابعه لحركة فتح وكانت دوما في الطليعه .
المناضله الكبيره الاخت نجلاء ياسين هذه المناضله الكبيره مديرة مكتب الاخ الرئيس الشهيد ياسر عرفات في عز الازمات والاوقات الصعبه كانت ترتدي الزي العسكري وسافرت معه الى دول كثيره بالعالم كانت تتابع اخبار فلسطين ورسائل كل السفارات في العالم .
شاركت بكل المؤتمرات الحركيه والتنظيميه لحركة فتح وكانت عضو بالمجلس الثوري لحركة فتح بدوراته الاربعه وعضو بالامانه العامه للمراه الفلسطنييه وعضو بالمجلس الوطني الفلسطيني شاركت بتاسيس مؤسسات ثقافيه ومجتمعيه فلسطينيه في الشتات والوطن المحتل وهي من انشط النساء الفلسطينيات انتزعت قرارات كثيره انصفت فيها المراه الفلسطينيه في الثوره الفلسطينيه قبل العوده الى الوطن وبعد العوده .
وقد نعى الرئيس محمود عباس، ومنظمة التحرير الفلسطينية، المناضلة نجلاء عادل ياسين ‘ام ناصر’ عضو المجلس الوطني الفلسطيني، ومديرة مكتب الرئيس الراحل ياسر عرفات، والتي وافتها المنية اليوم السبت، بالقاهرة إثر تدهور حالتها الصحية.
والمناضلة ‘ام ناصر’ من عائلة لبنانية الأصل، ولدت بدمشق ثم تزوجت من فلسطيني من مدينة حيفا، وعملت مديرة لمكتب الرئيس الشهيد ياسر عرفات، ولقبت نفسها بـ’ام ناصر’ تيمنا بالزعيم جمال عبد الناصر لإيمانها بنضاله وعروبته وقوميته.
أسست ‘ام ناصر’ الحركة النسائية المناضلة بحركة فتح والتي شاركت الرئيس الشهيد عرفات في الكفاح المسلح البطولي في معركة الكرامة، وأقامت في تونس أول متحف للحفاظ على التراث الفلسطيني منعا لتزوير التاريخ والتراث وإلصاقه بالإسرائيليات، كما رافقت الشهيد في كافة مراحل الثورة الفلسطينية ولقبت بأم الفدائيين.
انشر لقاء اجري مع الاخت المناضله المرحومه نجلاء ياسين نشر بوسائل الاعلام اجراه معها نضال الناطور على صفحات الموقع الالكتروني مركز الناطور والذي يديره الاخ اللواء محمود الناطور ابوالطيب
ابو عمار : قائد من طراز خاص
فى مرآة القلوب
صورة حية تخلقها ذكريات ام ناصر
” ما حدا بيشبه ابو عمار”
سر الشوكولا والاحتفاظ بها بمكتب الرئيس
“لو سبقته في مماته لاستقبلته عند وفاته في القبر تحت التراب”
نجلاء ياسين (أم ناصر) مع الشهيد ياسر عرفات (أبو عمار)
كثيرا ما تم تناول شخصية ابو عمار الرئيس الفلسطيني الراحل من جهات مختلفة ولكن اليوم وفي ذكرى وفاته الثامنة ستستحضر لنا روح هذا الفارس السيدة نجلاء عادل ياسين رفيقة دربه ومديرة مكتبه ، “ام ناصر” كما عرفت في اوساط حركة فتح وبين ابناء الثورة , تحدثنا ام ناصر منبهة الى ضرورة اتخاذ التدابير لمواجهة حتمية ارتجاف المشاعر وخفقان القلوب مع الاقتراب من هذا المعشوق الاسطورة: ” ما حدا بيشبه ابو عمار” ..هكذا بدات ام ناصر حديثها معي وهي ترتعش من حدة تأثير شخص القائد عرفات في نفسها وتدمع عند الحديث عنه وعن سر علاقتها المميزة به وعشقها له ..
سالتها عن سبب عشقها لعرفات فاجابت : ” في البداية انجذبت لشخص ابو عمار من منطلق ايماني بالقضية الفلسطينية وانتمائي العربي العميق, فأنا من اصول لبنانية وترعرعت في منزل قومي عربي , وفي كنف أم أرضعتنا حليب العروبة والمسؤولية تجاه وطننا العربي ” . شاركت في مظاهرات وهي في الثانية عشرة من عمرها لترفض الانتداب الاجنبي وتقاوم الاحتلال الصهيوني, كان هدفها الاول دائما هو تحرير فلسطين, لذلك عندما سمعت من صديقاتها (خاصة اقربهم لها الشاعرة مي الصايغ) عن تنظيم حركة فتح واهدافه ارادت الانضمام له متطوعة كغيرها من المناضلات . كان اول لقاء جمعها بعرفات عام 1966 بعد ان سمعت الكثير عنه وحفظت خلفيته عن ظهر قلب , وعرفت عن مساهماته النضالية في مصر عندما كان طالبا يدرس هناك وضابطا في صفوف المقاومة المصرية ضد الاحتلال البريطاني..
تضيف ام ناصر واصفة لقائها الاول بعرفات فتقول : “وجدته انسان استثنائي , حلمه الوحيد ليس كغيره من ابناء جيله بان يصبح طبيبا او مهندسا او يحمل شهادات الدراسات العليا, كان يحلم بتحرير فلسطين حاملا الجرح الفلسطيني بين كفيه, فشعرت بأنه جسد احلامي الوطنية والقومية في تلك اللحظات, وكنت على استعداد لتنفيذ اي شيئ يطلبه مني ابو عمار حتى لو طلب مني قص شعري, كانت بداخلي طاقة غير عادية من العطاء تجاه هذا القائد وقضيته” .
في تلك الفترة (منتصف الستينيات) تم الاتفاق مع ام ناصرعلى تشكيل مجموعات لدعم القضية الفلسطينية واستقطاب المزيد من الاخوات للانضمام لصفوف الثورة , ونجحت في تحقيق دور بارز متعدد الاهداف ما بين القيام بجولات في دول عربية لجني المال اللازم لدعم اسر الشهداء والمناضلين , والتي كانت من اولويات القائد عرفات, على حسب قولها, وما بين ابراز الهوية الفلسطينية في المحافل العربية والدولية والتأكيد على ثوابتها . تقول :” تعلمت منه الكثير من المثاليات والعطاء بلا حدود , فلم يرفض بتاتا طلب لاحد في مساعدة علاجية او غيرها, كانت فلسطين بالنسبة له هي الارض والشعب النازف من جرح لن يلتئم الا بالعودة للارض, لذلك وازن ما بين التمويل الخاص بالحركة الثورية من اسلحة وصرف رواتب للعسكريين وموظفي حركة فتح, وبين مساعدة المدنيين من الشعب الفلسطيني اللذين اعتبرهم جزءا من القضية , حيث صرف لهم المساعدات العلاجية والمنح التعليمية الى اوروبا ” .
“أحببته لاني وجدانه لا يشبه البشر في شخصه وزهده في الدنيا” , كلمات نطقت بها ام ناصر لتشرح سببا اخر لحبها له واندهاشها من شخصيته غير العادية , أكدت لنا بانه لم يعر صحته اولوية في حياته كغيره من الرؤساء اللذين يتوفر لهم الجاه والمال, وتقول :” حدث يوما انه اشتكى من الم في ظهره فاسرعت لاحضار الطبيب للكشف عليه منزليا, فغضب مني الرئيس ووبخني لماذا أتيت به ؟ واعتبر ان هناك اولويات اخرى يجب التركيز عليها وعدم اضاعة الوقت بأشياء اخرى حتى لو كانت صحته ما دام هناك تحمل للالم “.
وتؤكد على انه كان يرفض ان يأكل قبل ان يتأكد من ان رجال حرسه الخاص ومرافقيه قد اكلوا من نفس الاكل ليقوم بدعوة ضيوفه على الاكل فتصف لنا ام ناصر الموقف قائلة :” في يوم ما جاءنا وفد رسمي لمقابلة الرئيس في مكتبه الخاص في تونس وعلى راس الوفد ليلى شهيد, مسؤولة فتح في باريس ,والتي اصبحت فيما بعد سفيرتنا هناك, فلم يبدأ الرئيس بالاكل الا عندما تاكد بنفسه من ان ابناء الثورة “الشباب” كما كان يطلق عليهم قد تناولوا حصتهم من الاكل, وكان احيانا يقسم اللقمة بينه وبين الشباب من حرسه واحيانا اخرى بينه وبين ضيفه , كان عادلا وزاهدا الى هذه الدرجة ” .
“لن تتخيلي ما سأقوله لك” , هكذا انتقلت ام ناصر لنقطة اخرى كانت سببا في حب هذا القائد القوي امام عدوه والمدافع الثائر عن حقه والضعيف امام حبه وحنانه المتدفق للاطفال. فتستطرد قائلة: ” كان الاطفال غرام ابو عمار ولم يرفض لهم طلبا يوم ما, كانوا يطلبون مقابلته من جنسيات مختلفة فلسطينية ولبنانية وغيرها , وكان يناقشهم ويسئلهم ماذا يريدون, وعندما اجابهم احدهم في مرة بانه يريد كلاشن كوف , قال له الرئيس اذهب وتدرب على قتال العدو ثم احمل سلاحك, كان عبقري في استقطاب حب الاطفال له واستيعابهم” . لذلك كله اضطرت ام ناصر بمحبة وبمبادرة منها ان تعتاد على شراء الشوكولا والاحتفاظ بها بمكتب الرئيس لحين الزيارة غير الرسمية للاطفال وطلبهم مقابلة ابو عمار, فيسمح لهم بالدخول وبالترحيب الخاص.
قائد وفي لا ينسى المعروف ابدا, على حد قول السيدة ام ناصر, حيث أكدت ” عندما وقف ابو عمار مع الرئيس العراقي صدام حسين في حرب الخليج لن يتخذ هذا الموقف لانه مع صدام ضد الكويت كما اتهمه الكثيرون , بل حاول مرارا اقناع صدام بان لا يغير على الكويت وكان دائما ضد هذه الحرب بين الاشقاء العرب, ولكنه لن ينسى موقف الرئيس العراقي عندما ساعد الثورة الفلسطينية في تمويل اسر الشهداء في حين تخلى عنها الاخرون , هذه معلومة جديدة لا يعرفها احد من قبل بل اتهم زورا وظلما بسبب وقوفه مع العراق” .
اعتبرته ام ناصر انه حقق لها كل ما تمنته وانه استثنائي لكل من عرفتهم او قابلتهم في حياتها, تعلمت منه الكثير مما حدد مسيرة حياتها , احبته كرجل بكل معنى الكلمة ووصفته بانه حب من نوع خاص يربطه حلم التحرير. .
وعندما سألتها عما سمعت في الوسط الفلسطيني وخاصة الفتحاوي منه عن علاقتها الفريدة من نوعها بالرئيس وعن حبه لها أجابت :” كانت احلامنا متشابهة, كنت اقلده في نكران الذات من اجل الاخرين, واستطعت ان امتص الكثير من صفاته الا انني لم اصل الى نفس الدرجة, ولكن قد يكون حبه لي ومعاملته معي ردة فعل لقناعاتي فيه ومجهوداتي المتفانية من اجل القضية وتحقيق حلم عرفات, فهذا هو اسمى انواع الحب حين يتوجه مشاعر متبادلة بين مناضلين جسدا حلم التحرير” .
وصفته بانه رئيس من نوع خاص, وخالي من العقد الطائفية, فقد كان يحترم جميع الاديان من يهودية ومسيحية والاسلام , تؤكد ام ناصر قائلة: ” كان له اصدقاء من اليهود اللذين يؤمنون بابي عمار وبالحقوق الفلسطينيية , واذكر ان إلان هاليفي كان اشهرهم , وآمن الرئيس بان فلسطين ارض عربية لجميع الاديان وكان يهنئ المسيحيين في اعيادهم الخاصة ويحضر جميع مناسباتهم, فهو من علمني حب الاخر واحترام عقيدته” .
كان مرهف المشاعر وشديد الحساسية , لا يحب التنكيل باحد ودائما ما يعطي الاعذار حتى لو كانت الحالة هي انشقاق احد الكوادر عن حركة فتح او تجنيده لصالح اسرائيل فكان يقول نحن لا نعلم بظروفه الخاصة التي اضطرته لذلك, وتعطي ام ناصر مثالا على ذلك قائلة: ” في يوم ما بلغ الرئيس عن اسم جاسوس انشق من حركة قتح وعمل لصالح العدو وتم القبض عليه, واعترف الجاسوس بطبيعة عمله وضبطت المتفجرات التي كانت بحوزته لتفجير الرئيس ومن حوله, ولقد تم قصاص الجاسوس بالاعدام وقتها, ثم بعد ذلك بلغت بان لهذا الجاسوس اسرة تتكون من 12 فردا ولا يملكون قوت يومهم وقد تم توقيف الراتب الخاص بالاب بعد اعدامه, فسئلت الرئيس ما العمل؟ فاجاب لا تزر وازرة وزر اخرى, فلا يجب ان يحملوا الاولاد وصمة ابيهم وعاره, ولا يجوز لنا ان نعمل على استرجاع حقوق الاجيال الفلسطينية وفي الوقت نفسه ننكل بهم بتهم ابائهم التي لا ذنب لهم فيها, فهذا يتعارض مع مبادئ قضيتنا وتشريعات ديننا, وطلب منها ان تحرر كتاب خاص لاقرار مساعدة هذه العائلة. ” وتضيف ام ناصر ” عندما سألته ماذا اصف هذا الشخص عند كتابة الورقة الخاصة به, عل اساس ان جرت العادة ان نكتب صفة الشخص كشهيد او مناضل او اية صفة اخرى للشخص , فغضب عرفات وقال لي لم تفهمينني بعد, لا يمكن ذكر صفته التي قوصص عليها, فقط اكتبي اولاد فلان الفلاني دون ذكر صفة جريمة الاب” .
هذه الاجواء التي عاشتها ام ناصر بكل ما فيها من مخاطر ومشاعر مختلطة وتضحيات لا نهائيه مستسلمة تماما لقدرها مع عرفات كيفما كان , استوعبها اهل السيدة ام ناصر اللذين كانوا في مرات عديدة يقوموا بزيارتها على اثر معرفتهم بتفجير هنا او هناك خائفين على ان تكون هذه المرة الاخيرة للقائهم بها. تقول ام ناصر:” حتى اخوتي احترموا مشاعري تجاه عرفات وساعدوني في ذلك, لم يحرموني من رؤيتهم خاصة اختي الصغرى “ام سامي” التي كانت تزورني باستمرار في بيروت وتونس ومن ثم غزة” .
وفي النهاية قالت لي ام ناصر:” بتسأليني حبيتي عرفات, طبعا حبيتو, وأحسد نفسي على انني عشت تحت رايته, ولكنني تمنيت لو سبقته في مماته لاستقبله عند وفاته في القبر تحت التراب” كلمات مؤثرة تعكس حبا عملاقا في انسانيته واخلاقياته وطبيعته ..
رحم الله ياسر عرفات قائدا ومناضلا ومعشوقا …