كتب هشام ساق الله – كنت في نشرة الراصد الالكترونيه اليوميه قد قمت بشر هذا الموضوع والذي لم اكتبه انا بل وجته وانا ابحث عن الشهداء ولم يكن عليه اسم من قام بكتابته ولكني اعجبت به وبطريقة كتابته وتطابق مع وجهة نظري ونظر نشرتي المرحومه لذلك اعيد نشره في هذا المقام علي اضيف معلومه جديده لابناء شعبنا وزوار مدونتي .
ظلت شهورنا الفلسطينية طوال هذا القرن، شهور كفاح ونضال طويل من اجل الوصول الى الحرية والاستقلال والعودة الى ارض الوطن، وكانت شهور ملأى بالتضحيات النفيسة التي قدمها ابناء شعبنا رخيصة في سبيل تحقيق الكرامة الوطنية وانجاز الغاية والهدف.
وكان نيسان بين تلك الشهور، شهر بذل وعطاء وشهر شهادة واستشهاد وشرف، تصاعدت فيه المواجهات مع الغاصبين للارض الطهور، واشتدت فيه المؤامرات الصهيونية الحاقدة على ثورتنا وقادتها ورموزها، فنفذت في العاشر من نيسان عام 1973 جريمة اغتيال حاقدة ستبقى في جبين الصهيونية واسرائيل وصمة عار لن يغفرها التاريخ، ضد القاة الرموز كمال عدوان وابو يوسف النجار، وكمال ناصر في “الفردان” ببيروت،
ونفذت في السادس عشر من نيسان عام 1988 جريمة مماثلة ضد القائد الثوري العظيم خليل الوزير، امير الشهداء “ابوجهاد” الذي ما ان ذاع نبأ استشهاده حتى تأججت الانتفاضة الشعبية لجماهيرنا ببالغ العنفوان من جديد، مواجهة بارادة فولاذية كل آلة الحرب الصهيونية فسقط خلالها اربعة وعشرون شهيداً في ذلك اليوم.
وفي نيسان من اعوام سابقة سقط الشهيد القائد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل عام 1948، وسقط على ايدي العصابات الصهيونية التي ارتكبت مجازرها النازية في دير ياسين شهداء عديدون.
وتطول قائمة الشهداء لتغطي الارض من غزة الى الضفة، وكل مدن وقرى ومخيمات وطننا فلسطين وتمتد الى اغوار الاردن والكرامة وجرش وعجلون وجبل الشيخ والبقاع وجنوب لبنان وطرابلس، وتغطي البحر الممتد من حيفا الى غزة ومن بيروت الى تونس، ومسيرة التحرير التي انطلقت من قلب الالم الفلسطيني تتواصل كحاجة وجودية ملحة، وضرورة وطنية ودلالة حضارية.
ولم تكن عظمة استشهاد قادتنا وابطالنا ومناضلينا في بذل ارواحهم رخيصة من اجل الوطن وحسب، ولم تكن في فعل الموت الذي ارادوا ان يصنعوا منه الحياة، بل كانت عظمة ذلك في تواصل فعل حقيقتنا الفلسطينية وتجذر ارادتنا الوطنية، التي واصلت النضال والكفاح في كل المراحل والشهور والايام دون تراجع او كلل، بل ان فيض الشهداء كان يدفعنا الى الميدان اكثر، وكان يفعمنا بالآمال اكثر ويجعلنا نردد “سأرى لحظة الانتصار سأراها بعيني رفيقي”، وتهتف جماهيرنا “بالروح بالدم نفديك يا شهيد، وياشهيد ارتاح ارتاح احنا نواصل الكفاح”.
لقد استشهد ابطالنا دائماً وهم واقفون ومقدمون لا يتراجعون في كل المعارك والمواقف والمواجهات وفوق كل الساحات، فمنهم من فجر دبابات العدو بحزامه الناسف كالفسفوري وربحي. ومنهم من كان يسير بثقة عجيبة بين القذائف والرصاص، مرتب الهندام طوال ايام القتال خلال ايلول في الاشرفية، هادءاً حليق الذقن، مظهره يبعث على اطمئنان كل من يراه، ذلك هو الشهيد الرمز القائد كمال عدوان الذي كان يمتلك القدرة على ان يفكر بهدوء. يضع خطط العمل ويقسم العاملين ويتابع التنفيذ، وعندما يسلم كادراً عملاً يخبره بالتفصيل عن كل الصعوبات التي تحيطه، وعن الظروف المعوقة وعن ضرورة مواجهة التحدي والانتصار فيه، ثم يترك للكادر ان يبادر ويتصرف كما يريد.
كان الشهيد القائد ينظر الى العالم العريض عبر القضية الفلسطينية، فيقول حتى تكون قومياً، وحتى تكون اممياً لابد ان تكون فلسطينياً اولاً. كان ينقل افكاره وتصوراته عارية من الرتوش واساليب المجاملة، كانت الحقيقة بارزة في كلمته والفكرة واضحة في حديثه. فلا مكان للمجاملات على حساب الثورة والمبادئ.
وكان قمة في التحدي والتجاوز البناء، يتقن فن الثورة ويحفظ دروسها عن ظهر قلب ويلقنها للناس. عظم الكلمة في فكره وعقيدته واجل العمل في نضاله وكفاحه اليومي الدائب.
وعندما رفعت الثورة شعارها “ايها الرفاق اصعدوا الى الجبل” كان اول من لبى النداء، فقام بتنفيذ الامر وتحقيق الشعار، واصبح اعلام الثورة يصدر من جبال السلط ومن كهوفها. واخرج جريدة فتح واشرف على ادارتها وعبأ لها الكوادر والكفاءات، وكانت كلماته لاذعة قارصة تجلد الخطيئة في مهدها باسواط الحق وتكشف الانحرافات بوضع الحقائق عارية تحت نور الشمس. وتصدى للصحف الصفراء التي كانت تكيل الاتهامات لقادة الثورة بقلم جارح وحقيقة ناصعة، فتغلب عليها دون ان تنل منه هذه التهم او تثنه عن عزمه، بل زادته ايماناً بنفسه وثورته وقدرته على التغيير والتبديل. كان يكره الهزيمة ولا يعرف الاستسلام ويتمنى لو يصبح قنبلة زمنية تنفجر كل يوم وتصيب اعداءه.
وكان رفيقه في الشهادة الرمز القائد ابو يوسف النجار، متميزاً هو الاخر بين الرجال، يخفي خلف مرونته تصلباً في الحق وتمسكاً بالمبدأ قل له نظير، وكان نموذجاً بارزاً لجيل فلسطيني كامل عبر عنه بكل نقاء ثوري اصيل. وعندما شارك في القتال ضد اغتصاب فلسطين عام 1948، خرج ببتر في يده حمله علامة ظلت تذكره بقضيته وبالثمن الذي تستحقه.
وحين وقف عام 1965 بين تلك الندرة من الرجال التي اعلنت انبثاق الثورة الفلسطينية وحددت لها هدف التحرير الكامل، كان ابو يوسف نموذج التواصل في النضال. ولم يكن بذلك يمثل نفسه بل يمثل جيله بأكمله، وهو الجيل الذي لم يخذله، فلبى الدعوة حتى اصبحت احدى اقوى حقائق التحدي في المنطقة.
وعندما دخل عالم القيادة، ظهرت من خلال اسلوبه في العمل ميزات تراثه النضالي، فهو لم يكن ذلك النموذج المتطرف من الرجال، ولم يكن ذاك النموذج المرن، بل كان مزيجاً من التطرف والمرونة، من الصراحة المطلقة والصمت، من الايجاز في الحديث والممارسة المستمرة.
في ليلة الثامن من آذار عام 1955 نقلت عربات البوليس في قطاع غزة ابو يوسف مع ثمانين من اخوانه المناضلين الذين قادوا تظاهرة الجماهير الكبرى في قطاع غزة ضد مشروع سيناء، ليرغموا المسؤولين على الغائه، وقد بدا مقيداً بسلسلة طولها (80) متراً.
قال ابو يوسف لابد من تحطيم السلسلة، ولابد من منع دبابة ان تفتح الشارع الذي يسيطر عليه المتظاهرون من جديد. ولابد من منع بنادق الجيش من تفريق الجماهير التي تحتشد في الشوارع في حرب سياسية.
وعرف ان تلك اللابد لا يمكن ان تتأتى الا اذا امتلك شعبنا الفلسطيني السلاح، فالبندقية وحدها هي التي تستطيع ان تحمي المكاسب الجماهيرية التي تحققها في حرب الشوارع السياسية. لقد تعلم ابو يوسف الكثير وعلم الكثير، الى ان جاء المعلم اخيراً، الثورة الفلسطينية المسلحة التي اصبح فيها قائداً ومعلماً ينظم ويعبئ ويخطط، ويولي اهتماماً بالغاً لحماية الجماهير اللبنانية والجماهير الفلسطينية من ان يدفعها العملاء والمندسون الى التعادي والصدام. وهو ما جعله ينسى نفسه ويهمل ذاته في سبيل تحقيق التلاحم بين شعبي المصير الواحد والقضية الواحدة.
كانت المسيرة هي كل ما يهمه فالمهم هو التدافع والتلاحم على ذات الدرب، فلن يخسر في سبيل ذلك سوى حياته .. وحياته لديه رخيصة خاصة اذا تعلق الامر برجال يتدافعون وراء رجال، وبمسيرة تمضي الى غايتها كما يفهمها ويريدها وكما يجب ان تكون. لذلك لم يكن استشهاده مفاجئاً، فالذي يعيش حياته كلها مناضلاً تظل الشهادة نصب عينيه دائماً. وابو يوسف الرجل القائد البطل لن ينمحي من ذاكرة المقاتلين في سبيل الحرية في فلسطين او لبنان وعلى امتداد رقعة الارض العربية.
اما رفيقهم في الشهادة القائد البطل كمال ناصر، فكان يلقب “بضمير الثورة”. احب الجميع من ثوارنا واحبه الجميع، وكان رمزاً كبيراً يناضل من اجل وحدة هؤلاء الثوار التي قاتل “الضمير” من اجل الوصول اليها، بانبل دوافع الحب للثورة، والتفاني من اجل تكريس تماسكها ووحدتها. وكانت اهم المعارك التي خاضها واستشهد وهو يصب من قلبه دماً من اجلها، هي قضية الوحدة الوطنية بين فصائل الثورة، وكان له راي محدد في هذا المجال لم يهتز ايمانه به حتى آخر لحظة في حياته.
رأى ان القضية الفلسطينية انما ولدت من جديد، من خلال الثورة والكفاح المسلح، وبالتالي فان من حق الذين يموتون ويقاتلون ان يقودوا المرحلة. وعلى كل حملة البنادق والملتزمين بخط المقاتلين ان يتواجدوا في جبهة واحدة وعلى ارض واحدة عبر التنظيم الثوري الموحد الذي لن ينتهي النضال الدؤوب من اجل تحقيق وحدة اداة الثورة الفلسطينية الا بتحقيقه.
كان كمال ناصر كتاباً كبيراً تناولته فجأة ريح عاتية مجرمة فمزقت صفحاته، ونثرتها في كل اتجاه، فخسرت الثورة رجلاً مفكراً، صاحب كلمة شجاعة وهادئة وعاقلة وثورية ايضاً. وكانت قيمة الكلمة ان تكون كذلك في المراحل الخطيرة التي تمر بها الثورة. وكان يتحدث بصمت دون ان يجعل الاخرين يحسون بمعاناته، وكان يتحسس مواقع الخطر فيتحدث لكن بدون الم، وينذر بلا ضجيج، ويحذر بالتزام كامل. والانسان الكبير فقط هو الذي يستطيع ان يجترح هذه المعجزة، فيصمت عن احزانه ليبدو ايمانه اكبر من جراحاته، ويبدو تفاؤله اقوى من واقع معاناته.
لقد حبب القتال الى الجماهير، واغنى استعدادها لان تمد الثورة بالمزيد من المقاتلين، واسهم في تأمين احتضان شعبي واسع لفكر المقاومة وممارساتها، وكان صاحب قسط في دحر محاولات العدو وحلفائه المتكررة التي حاولت عبثاً عزل المقاومة عن قطاعات شعبنا الفلسطيني المناضل.
كان واقعياً وفي نفس الوقت ثائراً على الواقع، يستمد من الثائرين في الثورة حيوية جددت من فعاليته في الثورة على الواقع، وتصور ان مهمته ايصال الواقع الى الثورة حتى لا تنقطع الثورة عن الواقع. ومن خلال معرفته الدقيقة بالواقع ادرك كيف يصبح باستطاعة الثورة ان تغير الواقع. وكانت استقلاليته الملتزمة بمثابة قاسم مشترك فكري وسياسي بين فصائل المقاومة، وهو ما جعل لقب “ضمير” الذي حمله، مصدقاً ومقبولاً على انه اكثر من لقب.
وفي نيسان بالسابع عشر منه اغتالت قوات الارهاب الصهيوني الشهيد القائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قائد حركة حماس في قطاع غزه باستهداف سيارته من طائرة مجرمه تحمل صواريخ اغتالته هو وعدد من مرافقيه في حي الشيخ رضوان .
وفي السابع عشر من كل عام يتم الاحتفال بيوم الاسير الفلسطيني حيث استشهد في هذا اليوم شهداء الحركه الاسيره تم اعتماده كيوم وطني لشعبنا يتم الاحتفال فيه وتسير المسيرات التضامنيه مع اسرانا القابعين خلف قضبان الاحتلال الصهيوني .